س٢. ماذا حلمتِ أن تصبحي؟




لست أدري إن كانت الرغبة اللي انتابتني منذ أسابيع قليلة لأكمل ما بدأته قبل عام، شفيعة لي عن أشهر من التبلد تجاه هذه القائمة. وفي الحقيقة إن الشغف لم يمت نحو واجب التدوين هنا، بل كان شغفي بمعرفة نفسي هو الميت منذ زمن، وأردت إحيائه بمثل هذه التساؤلات.


س٢. ماذا حلمتِ أن تصبحي عندما كنتِ صغيرة؟

ج. بنظرة خاطفة على محتويات درج مكتبي في الابتدائية، سأجد بقايا قصاصات ورق لتغليف دفاتر المدرسة، والأقلام اللامعة لتزيين صفحاتها رغم بلادة خطي، وعدة أوراق مقطوعة من دفتر مادة لا أحبها، مدونٌ بها خطة برنامجي التلفزيوني الذي أعده وأقدمه عندما أتخرج في كلية الإعلام بعد ١٠ سنوات على الأقل.  

هذا في أقل تقدير، قبل عام واحد من دخولي إلى عالم الهاليو (موجة الثقافة الكورية)، والسباحة مع تيار جرفني إلى كلية الألسن وعبرت معه القارات لأستقر هنا في العاصمة سيؤول. أترجم رموزًا لا يفهمها غالبية البشر وأعرّب ثقافة يعشقها نفس الغالبية. هنا في مكتبي بالطابق ١٤ من ناطحة سحاب تحجب جمال السحب والأشجار عن جيرانها، أعيش حلم المراهقة لا الصغر. 

والآن في أواخر العشرين، لا أكف عن التساؤل كيف كانت الحياة لتتكشف لي إن كنت أبقيت على حلم الطفولة، الذي تكبر وتعرف أنه حقيقتك. ولا تختلف إجابة خيالي في كل مرة عن "لو علمتم الغيب لاخترتم الواقع"، من باب أن حياتي بالفعل رائعة. لا يجرؤ الكثير على مثل هذا التصريح. خوفًا من المبالغة في الثقة أو الحسد. لكنني أدرك تمامًا كم فتاة في عالمي، في عمري، في قدراتي، تطمح لتعيش يومًا من حياتي، فأستحي أن أنكر ذلك.

ولو أطلت السرد عن وحدتي ونومي القليل وحياتي السريعة وإجازاتي الأسرع، ولو شكوت ضآلة المقابل مقارنة بأوروبا وأمريكا وحتى الخليج العربي، ستظل لحظة أتنفس فيها بحرية وأمان، استقلالي، وكرامتي، وسيرتي الذاتية التي تتجاوز ثلاث صفحات، وطائرة لا تتجاوز الساعتين إلى العاصمة طوكيو، نعمة!

ومع ذلك يبقى من حقي أن أتخيل تلك الحياة الأخرى، الخطة أ، وأن أفرط في التفكير في ماذا لو بدأت من جديد. ماذا لو استعدت حساب الفيسبوك القديم الذي راسلت منه عدة طالبات في كلية الإعلام جامعة القاهرة عام ٢٠١٠، أستفسر منهن عن طبيعة الدراسة في الكلية وكيف تجاوزن التنسيق الداخلي لقسم الإذاعة والتليفزيون، وأي نصيحة أو كلمات تشجيعية لمثلي من الطموحات. ترى من أصبحن الآن؟ وتراهن يفكرن بتغيير المسار مثلي؟ لا أذكر شيئًا عنهن. 

وأذكر عني، أنني ما تركت فرصة لتقديم برنامج إذاعي مدرسي أو صناعة محتوى لمحطات المدرسة الإذاعية، وحتى انضمامي لراديو جامعة عين شمس فيما بعد، كلها دلالات قطعية أن جميع محاولاتي الآن للظهور والخلق، ما هي إلا رغبة طفولية بحتة.


تعليقات

  1. كلامك معبر اوي بجد لمس حاجة في قلبي 💗

    ردحذف
  2. it's a quick summary of your life, it expressed many important things and opened many closed horizons for me. 💗Thank you

    ردحذف

إرسال تعليق