حصاد الموسم


لم أكن محظوظة كفاية لأبدأ هذا العام بNew year's resolutions، على العكس أنا حزينة قليلًا أنني مازلت في طاقة حيرة بين أمرين في كل مناحي حياتي تقريبًا. أو كلها فعلًا! أين أستقر؟ ماذا أعمل؟ من أواعد؟ كيف أظهر؟ كيف أتعبد؟ من أدعم؟ ما هو النمط الذي أريد لحياتي أن تكون عليه؟ من أنا؟ أمضيت عامين، في يوم مولدي استخرج الخارطة الفلكية لعودة الشمس إلى بيتي ومطرحي في الدرجة ثمانية من برج الثور، لأجدها بنفس طالع الميلاد. لا شيء جديد. قالت لي إيزابيل أن هذا معناه عامين من إعادة اكتشاف الذات لأن الطالع هو هويتنا. لكن على ما يبدو أنني أضعت تلك المهلة، حتى الآن لم أكتشف سوى أنني أحب الشوكولاتة البيضاء، وأنني لا أعرف ماذا أريد، وأن كل ما بنيت عليه اختياراتي هو أساس هش كورقة.
ليس بالضرورة أن تعكس اختياراتنا ما نريده. أحيانًا نختار لأننا اضطررنا، وأحيانًا تختار صدماتنا وخيباتنا بدلًا منا، وأحيانًا نظن أننا نريد، وخلف تلك الإرادة تعلق وأمل، حب ورغبة، أو فشل واعتزال للمواجهة. سنجد الكثير من الكراكيب خلف اختياراتنا. الصراحة أن وفرة الخيارات ليست كما تبدو، مانحة للحرية مانعة من الاضطرارية، بل قد تصبح لعنة تبقيك حبيسًا في سجن حريتك. لأنك تريد كل شيء وتجرب أي شيء، تظل ضائعًا في مغامرة. هل شاهدت جومانجي؟ أنت الشخصية التي تفشل في الخروج وتتعذب من المتعة اللانهائية. 
في لعبتك الخاصة، تهبط إلى الوادي فتشتاق إلى قمة الجبل، وتصعد القمة فتود لو تلقي بنفسك في النهر، ثم لا تكف عن تخيل سيناريو حياتك لو كنت بقيت على القمة. لكن الحرية مكلفة، تتطلب التضحية بكل ماضيك وكل توقعاتك. إن كنت ستأسف على المحطة السابقة فلا تركب القطار، وإن كنت تملك توقعات عن محطتك القادمة فلا قيمة في الرحلة. الحر بحق لا يسعى لشيء سوى حريته، لا يندم ولا يأمل، فقط يطير. ولسنا كلنا طيور، ولا يجب أن نكون كلنا طيور، لكن إن اخترت أن تقص جناحيك، فعليك ألا تحن للهجرة. 
في هجرتي العام الماضي، كدت أن أفقد جناحاي، وبنفس الوقت كدت أن أهدم العش. أقصد للمرة الألف. طرت وعدت وعدت وطرت، وفي رحلتي رأيت ملامحًا لا أريد نسيانها رغم أن ذكراها لم تعد واضحة. عقلي يحاول جاهدًا استحضارها، لكن  قلبي الذي لا يرى ولا يسمع، مازال يتذكر. مازال يتألم لشيء لا يذكره العقل، ويحن لأوقات اختفت من مخيلتي. ولو تراها العين باسمة منتصرة، يعرف القلب حزنها وانهزامها، يسمع بكائها. كما لو كان كل شيء كذبة؟ لكني أصدقها جدًا. ورأيت وجوهًا مرحة، حضورها خفيف وعابر، وأخرى مثقلة بالهموم، وأخرى أمرضها القلق. رأيت شيئًا مني في كل الوجوه. وأظن أنني عكست لهم أنفسهم أيضًا. اختبرت لحظات الانكسار والفشل أكثر من مرة، واستسلمت مليون مرة. وفي كل مرة، قوة خارقة تسخر لي من يعاونني على النهوض. أنا في غاية امتناني، لكني مازلت أحتاج لبعض التوضيح. ماذا بعد؟ 


عام سعيد. 

تعليقات