تقييم رواية أن تبقى لـ خولة حمدي


"هذا تاريخك، ميراثك.. احمله على عاتِقك وسر به
في الطريق التي تختارها. لكن أن تهمله
أو تتخلى عنه، فأنت لاشيء من دون ماضيك وجذورك"


رواية جديدة من روايات خولة حمدي، وقد سبق لي أن قرأت لها "في قلبي أنثى عبرية" و الحقيقة أنني اشتريت هذه الرواية فقط لشدة إعجابي بروايتها السابقة. ويُقال أن "أن تبقى" تكمل روايتها "غربة الياسمين" أو ترتبط بها ولكني لم أقرأها.

تثّبتُ في قناعتي هذه الرواية أن خولة حمدي قلماً يُقرأ و يحترم بالفعل، رواية ثرية عالجت الكثير من القضايا التي تمس حاضرنا و لكنها تجسد مخاوفنا من المستقبل أيضاً. فأحداث الرواية تدور في عام ٢٠٣٥ م، وكانت هذه أول المثيرات. ومن المفارقة أنها تروي حاضرنا كماضٍ يُشكل هوية البطل التي تاهت عنه أو تاه عنها بغير إرادته. تطرق "أن تبقى" أبواب مشاكل عالمنا الذي يعاني من إنحدار إنسانية سكانه. إرهاب، نزاعات، هجرة غير شرعية، اضطهاد و تفرقة عنصرية وجهل، و مواطَنَة متدنية الدرجة في بلاد عالية الشأن.

تحكي الرواية قصة محامي فرنسي لا يملك من جذوره العربية سوى اسمه "خليل نادر الشاوي"، يستعد ليخوض تجربة الإنتخابات البرلمانية فقط ليتخلص من عقدة الاسم ويصبح مواطناً فرنسياً لا شبهات حوله، حيث الهوية العربية جُرم في ذلك الزمن الذي استقدمته خولة. تصل إليه رزمة من الرسائل التي تخبره جيداً من هو وإلى أين تنتمي أصوله، والأهم أنها تكون لقاءاً بينه وبين الأب الذي لم يعرف له وجود أو كينونة. ذلك الأب الذي غادر الجزائر على متن قارب هجرة غير شرعية منذ زمن وانتهك القانون الذي يعملُ ابنه مدافعاً عنه مرات ومرات. تشكل هذه الرسائل نقطة تحول في حياته اجتماعياً و سياسياً وعملياً كما تُحدث تغييراً في قناعاته و أفكاره.

هذا عن المحتوى، أما عن رأيي في الرواية ففي البداية شعرت بالملل من بديهية الأحداث، فكل يومٍ  نشاهد تلك النوعية من الحوادث على شاشات التلفاز ومواقع التواصل، ولكن مع الإستمرار في القراءة بدأت تسلك الأحداث إنعطافات و منحنيات وكنت أشعر بشيء مألوف، فقرائتي السابقة لخولة حمدي لم تكن خالية من هذا الأسلوب، فتشعر أنها تمكر بك على نحو محمود. كما ازداد التنوع في الشخصيات فقلت الرتابة. ولكن ما زال هناك نوعاً من المط الممل بين فينة وأخرى. كشفت الرواية عن عقل مستنير و فكر حكيم يقبع خلف السطور، حيث كثرت الحوارات الإثرائية المناقشة للأوضاع بحكمة بالغة وتشبيهات عبقرية تحسب للكاتبة.








تعليقات