تقييم رواية قمر على سمرقند - محمد المنسي قنديل


 

أجواء هذه الرواية مليئة بالسحر، تجوب أراضٍ قد تشبعت بصبغة التاريخ و اكتسبت من أسراره غموضاً و ألق، إنها بلاد ما وراء النهر أوزبكستان بعبق مدنها سمرقند وبخارى وفرغانة وطشقند وغيرها.
  تبدأ الرواية من ذروة الأحداث وليس العكس كما اعتدنا أن البدايات غالباً ما تكون تمهيدية، فوجدت نفسي من أول صفحة في لب القصة، حيث يقف "علي" الشاب الذي غادر مصر إلى أوزباكستان باحثاً عن أسرار أبيه العسكري الذي قتل في أحداث سياسية في أوائل حكم السادات، في موقف للسيارات منتظراً من يقله إلى سمرقند المدينة التي يسكنها صديق أبيه القديم الجنرال الروسي رشيدوف، ويقابل حينها البطل الثاني للرواية إن لم يكن الأول "نور الله" السائق الغامض الذي يستمر في القيام بأفعال لا تفسير لها عند علي فيجبره فضوله وبعض العراقيل إلى البقاء معه لتطول الرحلة و تتتابع المغامرات وتنكشف الأسرار واحداً تلو الآخر في حياة كلٍ منهما وكأنهما يستمدان الشجاعة من بعضهما لنبش جراح الماضي التي مازالت بحاجة لمن يضمدها ولو بالإنصات فقط.
  تنقسم الرواية إلى ثلاثة أقسام من حيث الأحداث ، القسم الأول يتمثل في مغامرات علي ونور الله في طريقهم إلى سمرقند و اصطدام علي خاصة بكثير من الأمور الغريبة.
أما القسم الثاني فهو حكاية نور الله وكيف بدأ كطالب علم صغير في مير عرب بصحبة صديقه "لطف الله" لينتهي به الحال إلى مطارد من السلطات. ويسلط هذا الجزء الضوء على احتلال السوفييت لأوزباكستان و صمود الشباب ومقاومتهم في تلك الحقبة وما تبعها من أحداث سياسية وكيف بقى الفساد متأصلاً في البلاد حتى بعد رحيل المغتصب. في هذا الجزء أيضاً تمرُ علينا حكايات تاريخية عديدة مثل حكاية مصحف الخليفة عثمان بن عفان وحكاية القائد تيمورلنك ومحبوبته بيبي خاتون..
 أما الجزء الثالث فهو الخاص بـ "علي" فأخيراً يسمح لنا الكاتب بأن نتعرف إلى هوية من يصطحبنا معه في تلك الرحلة الطويلة، وهنا ندرك الدافع وراء القيام بها من الأساس.. ولكننا نعود لنجد أنفسنا في مصر غارقين في وسطها العسكري و سياستها قبيل وعقب السلام مع الكيان الصهيوني. ليعود بنا المنسي قنديل مرة أخرى إلى سيارة نور الله في سمرقند ويضع الرواية في مهب النهايات المفتوحة وهذه من احدى النقاط التي لم تعجبني في الرواية، فهي ليست مجرد نهاية مفتوحة بل لا تعد نهاية بالمرة. فمازالت هناك خيوط غامضة و تساؤلات في خاطري لم أجد لها إجابة شافية. 
  مما لم يعجبني أيضاً الحشو الجنسي الغير مبرر فكثيراً ما تذمرت وأنا أقرأ الرواية بسبب كثرة إقحام الكاتب للجنس دون حاجة وبشكل مبالغ فيه من وجهة نظري المتواضعة. بالإضافة إلى سرد بعض القصص الغير مهمة في مجمل الأحداث..  عدا ذلك فإن الرواية جيدة و أسلوبها غير ممل، كما تحمل من الخبرات الإنسانية والأحداث التاريخية ما يجعلها دسمة وغنية. 
وهي رواية طويلة  بعض الشيء  تتجاوز  ال٥٠٠ صفحة.    



تعليقات