☀ هنا شروق

لا تفرح كثيراً ولا تبكي كثيراً على ما فات أو مما هو آت ولا تخف,  لا الحلو سيدوم طويلاً ولا المر أبدياً.. لا تسيء تقدير الأمور وتبالغ في ردة فعلك تجاه أي شيء. لأن ردة الفعل تلك سوف تقتلك حين تدرك أنه لم يكن أمراً يستحق. لم يكن أمراً يستحقُ تراقصك على أغصان الفرح. لم يكن أمراً يستحقُ صرخة السعادة النابعة من جوف قلبك مروراً بثغرك المتـبـسمِ حتى حدود أذنيك. لم يكن أمراً يستحقُ أن تحكي عنه وكأنك لا تريد أن تتحدث عن شيء سواه, ولا تريد أن ينشغل العالم بغيره. لم يكن أمراً يستحقُ ثقتك بهم. لم يكن أمراً يستحقُ بكائك حتى انقطاع الأنفاس. لم يكن أمراً يستحقُ نوبتك العصبية التي حطمت ما يحيط بك من أثاثٍ وأفئدة. لم يكن أمراً يستحقُ ارتجافك من الرعب حين رأيت الخطر قادم, فلِـمَ الخوف وأقصى درجات الضرر التي يمكن أن تصيبك هي أن تموت فقط! لم يكن أمراً يستحقُ انطوائك على ذاتك وحشر المزيد من الطعام في فمك لـ تداري القلق. لم يكن أمراً يستحقُ مجاملتك الكاذبة. لم يكن أمراً يستحقُ سوى كل ماهو عادي. فلا تعطي أمراً أكبر من حقه, يا سخــي المشاعر..

يحدث أن تستيقظ لوهلة وتجد نفسك من بعد طفولة قد فَلَّــت, في موقع المسؤولية. الكثيــر لديك لتفعله, الكثيـــر لتتجنبه, والأكثـــــر لتقلق بشأنه.. أتعجبُ كيف تهجرنــا برائتنا الطفولية مبكراً جداً, وكيف ننضجُ سريعاً جداً من بعد الهجــر القاسي, لندرك ما يدور حولـنا بنظرات ثاقبة, لنفهم دورة تلك الحياة التي نعيشها برضـانا أم بسخطٍ منــا, وبطبيعة الحال نتجاهلُ كل ذلك. نتجاهل لنمضــي~ نتجاهل لنتجنب الألـم~ نتجاهل لأن الوهم لا بأس به~ وأننا غالباً ننجحُ في ذلك لقدرتنا الرهيبة على خداعِ أنفسنــا, فضلاً عن خداع الآخرين لنــا.. رغم كل شيء مازلنــا متشبثين بآخر فتيـل في حبل الطفولة الهالكة, بينما نحن مربوطون بسلاسل كهولة شابة, ستمضي معنا عمراً مديداً بإذن الله,  ورجاءنــا منها  أن تُــسَدد الخُطَــى.